حياة الشاعر الشعبي المعسكري الحبيب قنون:

حياة الشاعر المعسكري الحبيب قنون (1761- 1864):
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولد الحبيب قنون في معسكر من أم كرغلية وأب جزائري، كان والده قبل ذلك يقطن بإحدى الدواوير “على بعد 20 كلم من معسكر”، واضطره الجفاف إلى ترك الزراعة والانتقال إلى المدينة…
يُقال أن اسم قنون حملته زوجة سيدي لخضر بخلوف -سيدي كاسان-، أدخله أبوه وهو صغير إلى الكتاب ليتعلم القرآن الكريم، إلا أن الحبيب هذا لم تكن له نية أن يحمل لقب “طالب”، وما إن وصل إلى سن البلوغ وخروجه عن سيطرة والده ترك الكتاب، وعمل في قصابة ذباحا، واستقرفي كوخ كان بأسفل واد تودمان بموضع بين سيدي بوسكرين والعرقوب، وسيبيع نصفه فيما بعد لتسديد دينه… ثم سيكون له حظ من نهضة الباي محمد بن عثمان الكبير، فضلا عن شعره في فتح وهران الثاني سنة 1791م، ووصفه للمعارك وحصن مرجاجو وغيره… ولهذه القصائد جانب آخر عن المنافسة بين شعراء معسكر وشعراء مازونة العظام، ورئيس المازونيين في تلك الفترة هو الشاعر بلعباس الملقب بـ “الفصيح”، وليُنهي قنون هذا التنافس قدّم لمازونة 124 قصيدة، فلم تُقبل منه إلا خمسة فقط ! وهو شيء مهين بالنسبة لمقامه، وستكون زيارته الأخيرة لمازونة، بعد ذلك تكونت علاقة بين قنون والشاعر القاضي القايد مصطفى بن براهيم العامري المشهور في بلعباس، وقد وصفه قنون بالبحر في ميدان الشعر…
وقع الحبيب قنون في حب فتاة من مدينة معسكر اسمها “سعدية”، إلا أنها غادرت منزلها إلى وجهة مجهولة، فكان لها نصيب وافر من قصائده يتغزل بها ويرثي نفسه لفقدانها، ثم خطب الشاعر فتاة من قبيلة القسايرية، وهي قبيلة عربية استقرت بالبرج، ولسيدي الطيب بن المختار كلام عنها في كتاب “القول الأعم”، لكن أهلها رفضوه، فما كان منه إلا السخرية عليهم في أشعاره، والدعوة عليهم بجاه سيدي محمد بن عمر، ويبدوا أن دعواته أتت أكلها، فما لبثت القبيلة أن عانت البؤس، أما هو فقد تزوج البنت البوقسرية… إلا أن فرحته هذه لم تدم طويلا، حين تفاجأ بخبر اتهامه بقتل بُستاني، ولم تنفعه مناجاته ولا حججه من الاقتراب من المشنقة لولا ابن عمه…
تزوج للمرة الثانية من فتاة صغيرة بمعسكر، وما كادت تُتم الثلاث سنوات معه حتى غادرته بسبب صحته المتلاشية، ومن ثمة هاجر الشاهر إلى تلمسان سنة 1820م، ويتزوج للمرة الثالثة من امرأة “بنت المصمودي”.
1830- 1864: في هذه الفترة يشهد الحبيب قنون تغييرا سياسيا واجتماعيا كبيرا، حين دخلت فرنسا الجزائر وسيطرت على وهران، وفي حين خضوع الباي حسن للأمر الواقع بالنسبة له، ومبايعة الحشم وبني عامر والغرابة للأمير عبد القادر، تحفظ الشاعر عن موقفه، وإن كان ارتباطه التركي منعه من الالتحاق بالأمير عبد القادر، فقد اعتبره مغتصبا لحكم عرقه وأجداده…
في هذه الفترة المضطربة كان الحبيب قد حصل على منصب مقدّم بمساعدة صديقه الحاج لكحل بوفارمة، وكلف بمكتب ركب الحجاج في معسكر، إلى أن دخل المحتل الفرنسي إلى العاصمة معسكر، وكغيره من المعسكرية هرب الشاعر الحبيب إلى واد التاغية، وفيه فقد أحد أبنائه المسمى “بلقاسم”، وما أن رجع الهدوء إلى مدينة معسكر، كان من أوائل الداخلين، مشهرا موسيقاه ليعلن بداية حياة جديدة لسلطة جديدة اسمها فرنسا…
توفي الشاعر الحبيب قنون سنة 1864م عن عمر ناهز المائة وثلاث سنوات، تاركا وراءه قصائده الشعرية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ترجمة وتلخيص: صلاح الدين بن نعوم

4684

اترك رد